الأربعاء، 20 يوليو 2016

مواجهة الخوف - د.أحمد عمارة


هل تعلم أن الدراسات تشير إلى أن أكثر الأشياء التي يندم عليها الناس عند بلوغهم سن الشيخوخة هي قرارات مهمة ومصيرية لم يتخذوها بسبب (الخوف) . ثم تكشف لهم فيما بعد أن هذا الخوف ماهو إلا مجرد "وهم" قد منعهم من اتخاذ أهم قرارات حياتهم ، وأنهم لو كانوا قد اتخذوها لكانت حياتهم تغيرت تغيرا إيجابيا رائعا .
.
الخوف من رأي الناس 
الخوف من عواقب الأمور
الخوف من تحمل المسئولية
الخوف من المواجهة
الخوف من الانتقاد
الخوف من الفضيحة
الخوف من الفشل
الخوف .. الخوف .. الخوف ..
.
مجرد أفكار تافهة تولد مشاعر ترفضها داخلك ، وبرفضك لهذه المشاعر تتراجع عن اتخاذ أهم قرارات حياتك .

هل تعلم أن أكثر قرار تشعر معه بالخوف (من كلام الناس ومن المسئولية ومن الفشل) هو أكثر قرار سوف يفيدك في هذه اللحظة تحديداً وسوف ينقلك نقلة رائعة في حياتك ؟ (بالتجارب الشخصية على جلسات كثيرة قابلتهم بنفسي في مختلف الدول العربية)
أكرر .. أكثر قرار تشعر معه بالخوف هو أكثر قرار سوف يفيدك في هذه اللحظة تحديدا وسوف ينقلك نقلة رائعة في حياتك
.
هل تعلم أنك لو تغلبت على هذا الخوف وكنت مستعداً له بقوة وحماس ، فإن شعورك بالمتعة والسعادة والقوة والثقة سيكون أقوى آلاف المرات ودائم بصورة مستمرة بدلا من مشاعر الخوف المؤقتة التي دفعتك إلى التخلي عن هذا الهدف . فتستمر معك مشاعر الندم بصورة مستمرة !
.
عد بذاكرتك إلى الوراء ، تأمل قرارات لم تأخذها في الماضي وتشعر الآن أنك "نادم" على عدم اتخاذها . ثم اسأل نفسك سؤالا : لماذا لم أتخذ هذا القرار ؟ وما الذي منعني ؟ واكتب كل ما منعك من اتخاذه . ستفاجأ بشيء غريب ..
ستفاجأ أن كل ما منعك من اتخاذه هو (الخوف) . كل أسباب منعك كانت مخاوف !!
أكرر : القرارات التي ندمت على عدم اتخاذها عندما كان أمامك فرصة لأن تأخذها .
.
هل تعلم أن الإنسان لا يمكن أن يخاف من شيء في الحاضر ولا في الماضي ؟:)
هل تعلم أن الخوف كله عبارة عن أفكار مستقبلية فقط ؟
هل تعلم أنك لو كنت واقفا أمام أسد ، فلن تخاف منه في الحاضر وإنما ستخاف أن يؤذيك أو يقتلك وهذا شيء مستقبلي ؟!
فكرة طرأت في عقلك أنه سوف يؤذيك .. رفضتها بشدة .. تفجرت بعدها مشاعر الخوف داخلك
لذا الفرق بينك وبين من يجلس مع الأسد في مكان واحد هو القدرة على التحكم في هذه الأفكار ، مجرد أفكار في العقل منعت ملايين الناس من تحقيق أهدافهم وأحلامهم .
.
هل تعلم أن الخوف هو أحد أهم ألاعيب الشيطان لتشتيتنا عن الطريق السهل اليسير للوصول إلى الأهداف ؟
- إِنَّمَا ذَ?لِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ 
.
هل تعلم أن القرارات التي تضرك أو الذنوب أو المعاصي ستجد أنك تفعلها بسهولة وبلا أي مخاوف تذكر ، ولو حدثت مخاوف سوف تتعامل معها وتتغلب عليها لتفعل الذنب وتستمتع بالأخطاء والأضرار ؟!!!
.
الخوف من البدء في طريق الأهداف سببه الشيطان لمنعك من الوصول .. فانتبه ! فإنه يقعد لك الصراط المستقيم كما قلت في مقالة ماضية .
.
- كم شاب تأخر زواجه كثيرا لأنه يلتزم بعادات وتقاليد مرهقة ماديا لأنه يخاف من كلام الناس ؟ في حين أنه يستطيع لو نسف هذا الخوف أن يتزوج منذ زمن !
- كم أسرة رفضت أن تزوج أولادها لشخص معين صالح خلوق بسبب نسبه أو شهاداته أو أو وخوفا من كلام الناس ؟ مع أنهم في العمق يعلمون أنه سيسعد أولادهم في حياتهم الزوجية !
- كم فتاة أدركت منذ لحظات الخطوبة أو الزواج الأولى أن هذا الزواج لا يمكن أن يستمر ، فخافت وكتمت سنوات طوال ، مع أنها منذ البداية تستطيع تحرير نفسها من زواج يظهر جليا عدم جدواه !
- كم طالب أدرك منذ الأسابيع الأولى في دراسته أن هذه ليست الدراسة التي يريدها ، لكن خوفه من الأهل ومن المجتمع دفعه لأن يتجرع كأس الألم والملل والرسوب مرات متكررة لأنه يخاف أن يتخذ قرارا بما يفيده وما يحبه .
.
- كم وظيفة ضاعت من شباب بسبب خوفه من المواجهة ومن الحديث مع الآخرين !
- كم شاب يرهق نفسه ماديا ليظهر في مظهر لائق أمام أقرانه في حين أنه من الممكن أن يدخر مالا ليبدأ مشروعه وينطلق في الحياة !
- كم فتاة اغتصبت أو تم تهديدها وكتمت وخافت من الفضيحة فدمرت حياتها وحياة أخريات وقعن ضحية نفس الشخص المغتصب !!
.
- كم أسرة كبتت أولادها وأجبرتهم وسيطرت عليهم خوفا من كلام الناس وخوفا من أن يقال بأنهم لم يستطيعوا التربية !

كم هدفا تخليت عنه لأنك تخاف المواجهة أو تخاف تحمل المسئولية أو تخاف من الفشل ؟!!
كم وكم وكم . لو تأملت في الحياة لأدركت مصيبة الخوف من البشر ونسيان رب البشر !!
.
بالمناسبة : لو كنت تخاف من سؤال رب البشر لك عن هذه الأهداف ولماذا لم تحققها ولو كنت تدرك أن حججك ستكون تافهة أمام إلهك عندما يسألك كيف خفت من البشر ومعك رب البشر ؟ لما أخافك شيء في هذه الدنيا ولما توقفت عن تحقيق الأهداف أبدا !! ولكانت حياتك أروع دائما
.
كيف خفت من رأي البشر ولم تخف من سؤال رب البشر لك عن أهدافك التي تخليت عنها !! فضللت في الحياة وضاعت منك أهدافك وضاعت منك ثقتك بنفسك . عندها ستدرك المعنى الخطير لهذه الأية :
- أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ 
.
نفذ هذه الخطوات بدقة إن كنت قد مررت بهذه التجربة من قبل :
1- حدد هدفا تخليت عنه بسبب الخوف 
2- اكتب هذه المخاوف بهدوء وفرق بين المخاوف الحقيقية والمخاوف التافهة اللاعقلانية
3- ضع خطة بديلة في حالة حدوث ما تخاف منه لو كان الخوف حقيقيا 
4- قرر أن تنسف خوفك من البشر فهو أكثر شيء يقودك للذلة والمهانة في هذه الحياة
5- أشعل حماسك وتخيل كيف ستكون حياتك رائعة عندما تحقق هذه الأهداف
6- ضع خطة متدرجة بسيطة يوميا وفق إمكانياتك الحالية وانطلق ولا تسمح أبدا للخوف أن يتسلل إلى عقلك
7- استمر على هذه الخطة في تحدي بينك وبين هذه المخاوف ، وقم بالقسم : والله لن يخوفني من دون الله شيء في هذا الكون ، إن معي ربي سيهدين ، مع الله كل شيء ممكن ، كل شيء ، كل شيييييييء
8- ذكر نفسك بها يوميا وانطلق واستمتع بالنتائج.
.

الجمعة، 15 يوليو 2016

العيش باستمتاع ووعي


.
هناك من يعيش رايق مستمتع ، وهناك من يعيش مخنوق متألم
الرايق المستمتع يتذوق النعيم ، والمخنوق المتألم يتذوق الجحيم
الرايق المستمتع دخل الجنة في الأرض ، والمخنوق المتألم دخل النار في الأرض
.
الرايق المستمتع أصبح كذلك بأفعاله وسلوكياته ، وأفعاله وسلوكياته نتجت عن طريقة تفكيره
المخنوق المتألم أصبح كذلك بأفعاله وسلوكياته ، وأفعاله وسلوكياته نتجت عن طريقة تفكيره
.
كل روقان ومتعة هو جزاء ، وكل خنقة وألم هي جزاء 
"وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" - "هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ" - "إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" 
.
الرايق المستتمتع يعيش "الحياة الطيبة" بسبب أعماله المليئة بالخير والصلاح لنفسه ولمن حوله
"مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"
والمخنوق المتألم يعيش عذاب "الحياة الدنيا" بسبب أعماله المليئة بالشر والفساد لنفسه ولمن حوله
"لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ"
.
من يعيش الحياة الطيبة في الدنيا ، يحصل على كل ما يريد بيسر وسهولة وبصورة أكثر مما يتخيل "فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ"
ومن يعيش عذاب الحياة الدنيا ، يحصل على كل ما يريد بمشقة وصعوبة ومعاناة وفي الغالب تقفل أمامه الطرق "فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ"
.
لكل هدف في الدنيا طريق سهل يسير للوصول إليه ذو اتجاهين يمين وشمال؟
الاتجاه اليمين (الحلال) والاتجاه الشمال (الحرام) 
من يسلك دائما الاتجاه اليمين يصبح من "أصحاب اليمين" .
ومن يسلك دائما الاتجاه الشمال يصبح من "أصحاب الشمال"
ملحوظة : أصحاب اليمين ليسوا هم الذين يدخلون بالرجل اليمين أو بيستخدموا اليد اليمين كما زعموا في الموروث الذي يركز دائما على الشكليات وتغيب عنه لب الأمور ، فالشخص الأعسر يده اليسرى هي يمينه ان استخدمها في الحلال وهي شماله إن استخدمها في الحرام. 
.
الطريق اليسير اليمين الذي يوصل إلى الروقان والنعيم يسمى "الصراط المستقيم"
الطريق اليسير الشمال الذي يوصل إلى الألم والجحيم يسمى "صراط الجحيم" 
"وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ"
"فَاهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْجَحِيمِ"
.
لصراط الجحيم وللصراط المستقيم طرق صغيرة توصل إليهما تسمى (سبل)
السبل التي توصل للصراط المستقيم تسمى (سبل الله) (سبل الرب) 
السبل التي توصل لصراط الجحيم تسمى (سبل الطاغوت) 
.
هذه السبل تحتاج قليلا من الجهد حتى تنقلك مما أنت فيه إلى الصراط ، وهذا الجهد يسمى في الدين (الجهاد) .
من يجاهد في سبيل الله يصل فورا للصراط المستقيم الذي يقوده للسعادة والنعيم في الدنيا
من يجاهد في سبيل الطاغوت يصل فورا لصراط الجحيم الذي يقوده للألم والجحيم في الدنيا
.
من سبل الله (العفو - الستر - الرأفة - الكرم - الإحسان - العلم - وغيره من أسماء الله الحسنى
من سبل الطاغوت (الغل وعدم المسامحة - الفضح - القسوة - البخل - الإساءة - الجهل وغيره من عكس أسماء الله الحسنى) 
.
يحكم كل ذلك طريقتك في التفكير ، وما يدور في عقلك ، وبناءا على الفكرة النهائية يتخذ الشخص قرارا بالجهاد في سبيل الله أو الجهاد في سبيل الشيطان . وفي الحالتين جهاد ، لكنه جهاد ممتع أو جهاد مؤلم بحسب نوع السبيل .
.
كل هدف على وجه الأرض له جهادين ، جهاد في سبيل الله وجهاد في سبيل الطاغوت وهذا ملخص الحياة وكل ذلك مبني على طريقة التفكير وأنت السبب وأنت من يختر .
.
.
أمثلة :
الهدف : ابني يكون صالح 
سبيل الله : العلم - القراءة - الصبر والحلم .
سبيل الطاغوت : التحكم - الإجبار - التهزيء والسب والشتم وكل ما نهى الله عنه في القرآن .
.
من يجهاد في سبيل الله ، سيبدأ قبل الولادة ببذل الجهد في سبيل العلم والمعرفة والوعي عن التربية والإقناع فينعم بعدها بالاستمتاع بأولاده والاستمتاع برؤية كل شيء يسير على ما يرام لأنه قد يسر لليسرى
من يجاهد في سبيل الطاغوت ، سيتجاهل القراءة وسيتحكم ويضرب ويشتم ويسير على موروث أهله في التربية دون تبين صحته من خطئه ، فيتعصب ويتنرفز وسيظل أولاده مطلعين عينيه لأنه قد يسر للعسرى وسيجد كل السلبيات تحدث في أولاده بمنتهى اليسر وسيجد كل الخير يحدث لأولاده بصعوبة بالغة ويحتاج منه إلى تركيز ومراقبة ويستنفذ صحيا وجسديا .
.
.
مثال آخر : 
الهدف : توسيع الدخل والحرية المالية
سبيل الله : العلم - حسن الظن - الأخلاق - عدم اتباع التراث بحذافيره
سبيل الشيطان : الجهل - سوء الظن - المشي على خطا الآباء والأجداد حذو القذة بالقذة .
.
من يجاهد في سبيل الله يعلم أن الله قال (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)
فيؤمن بذلك ويكون خلوقا يفكر خارج الصندوق ، يجدد ويطور من نفسه ، يتعلم ويقرأ ويعرف الجديد عن الهدف الذي يريده ، يخرج عندها من الظلمات إلى النور فيظهر أمامه الطريق فيسلك السبل ثم يصل للصراط وتفتح له أبواب الرزق من حيث لا يحتسب.
من يجاهد في سبيل الطاغوت ، يستلمه الشيطان بالأفكار والقناعات السلبية من مثل : البلد مش نافعة ، العلم ملوش نصيب في البلد دي ، وأفكار سلبية كثيرة ويجعله يتمسك بقوة وبحمية الجاهلية بموروث الآباء والأجداد كاملا ويرفض رفضا باتا التخلي عن أي منه ، فيكون عقله مبرمجاً على وسائل قديمة للرزق ، ووسائل قديمة للتعرف على الله ، ووسائل قديمة لكل شيء ، فيقف عقله عن الإبداع ، ويقل رزقه ويقع فيمن قدر الله عليهم الرزق وينسى أن الله أخبر أن من أسباب ضيق الرزق (وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّا) بلا تفحص ولا تبين يسير خلف الآباء والأجداد .
.
السبب الرئيسي وراء وصوله للهدف من عدمه هو ما يتخذه الإنسان من قرارات ، وهذه القرارات نتجت عن أفكاره ، إن تحكم فيها وجعل أفكاره كلها يمين تتحول حياته لجنة ، وإن جعل الشيطان هو الذي يتحكم فيها فستكون أفكاره كلها شمال وستكون حياته الحالية جحيم وألم . وسيكون مخدوعا بالموروث أن الجنة في الآخر !!!
.
مثال بسيط لتعرف هل أنت من أصحاب اليمين أم من أصحاب الشمال . 
ضع هدفا مثلا أن تحصل على مليون دولار . 
فكر بهدوء في السبل التي توصلك بيسر وسرعة للمليون دولار .
دونها جميعا سريعا بحلالها وحرامها .
بحسب كثرة الأفكار التي ستطرأ في عقلك ستعرف من أنت الآن فعليا ..
أصحاب اليمين : ستطرأ في عقولهم أفكار كثيرة جدا جدا للوصول إلى المليون دولار بالحلال 
أصحاب الشمال : ستطرأ في عقولهم أفكار كثيرة جدا جدا للوصول إلى المليون دولار بالحرام وسيكون معتقدا بشدة (وهذا بسبب أفكاره) أن الحلال لا يوصل إلى الوفرة المالية !!
.
عندها ستعرف بقوة لماذا حياتك سهلة يسيرة أو مؤلمة صعبة ..

 وأنت السبب .. اختر

د.أحمد عمارة 

جميع الحقوق محفوظة © 2016 مدونـة يقظة وعــي