الجمعة، 24 يونيو 2016

بين حكم العقل وعاطفة القلب - د.وليد فتيحي


أنه ليس مجرد مضخة للدم، بخلاف ما كان قد استقر لدى علماء الغرب لسنوات طويلة حين درسوه من الناحية الفسيولوجية، وأن هذا المفهوم مخالف لقراءة النصوص في الكتب السماوية التي تعطي القلب موقعاً مركزياً سيادياً على فكر الإنسان ومشاعره وسلوكه.

واليوم نستكشف الجديد عن القلب الذي يكشف العلم عنه يوماً بعد يوم أنه أكثر تعقيداً بكثير مما كنا نتصور، حيث يؤكد أطباء القلب في كل من جامعة ييل الأميركية ومعهد هارتمن بولاية كاليفورنيا بأن القلب أكثر أجزاء الجسم تعقيداً وأكثرها دقة وغموضاً، وأنه يتحكم في المخ أكثر مما يتحكم المخ فيه، ويرسل إليه المعلومات أضعاف ما يتلقى منه، وللقلب القدرة على التفكير والانفعال والشعور والعاطفة وتخزين المعلومات القريبة والبعيدة في ذاكرة تشبه ذاكرة المخ.

وقد قام الدكتور جاري شوارتز وزملاؤه في جامعة ييل بأبحاث ودراسات دقيقة ضمت أكثر من 300 حالة زراعة قلب، فاتضح لهم أنه عند نقل قلب من إنسان إلى إنسان آخر، فإن القلب المنقول يأخذ معه من الذكريات والمواهب والعواطف والمشاعر والهوايات والتفصيلات الخاصة بالشخص الذي أخذ منه القلب والتي تبدو غريبة كل الغرابة عن صفات الشخص الذي تم نقل القلب إليه، وقد نشرت نتائج بعض هذه الأبحاث في الورقة الشهيرة عام 1999 في مجلة (الطب الباطني). ومن هذه الحالات اخترت لكم:
الحالة الأولى: توفي شاب عمره 18 سنة في حادث سيارة، ووالده طبيب وكان هذا الشاب يكتب الشعر ويعزف الموسيقى ويغني، وتم نقل قلبه إلى فتاة في نفس عمره فأصبحت بعد زراعة القلب عاشقة لنفس نوع الموسيقى بل والعزف وإكمال كلمات من أبيات الشعر وكلمات الأغاني للميت لم تسمعها من قبل.

الحالة الثانية: رجل أبيض عمره 47 سنة عامل في مصنع للمعادن تلقى زرع قلب شاب أميركي من أصول أفريقية عمره 17 عاماً. متلقي القلب فوجئ بعد زرع القلب بأنه عاشق للموسيقى الكلاسيكية مكتشفاً لاحقاً أن المتبرع كان مغرماً بهذا النوع من الموسيقى ويلعب بآلة الكمان ومات وهو في طريقه إلى درس الموسيقى.

الحالة الثالثة: طفل في الثالثة عشرة من عمره يدعى جيري غرق في حوض الحمام، وتم نقل قلبه وكانت والدته طبيبة، والمنقول إليه القلب طفل اسمه كارتر يعاني من ثقب في القلب، وبعد الزراعة كان كارتر بصحبة والديه وفجأة أفلت كارتر من يد أمه وهرع إلى رجل غريب من بين مئات الأشخاص الموجودين في المكان وقفز إلى حجره وضمه وناداه بـ(أبي) مما أدهش والديه فقد كان هذا الرجل هو والد المتبرع بالقلب جيري ولم يره كارتر في حياته، وعندما سئل لماذا فعل هذا قال إن جيري هو الذي جرى لوالده وأنا ذهبت معه.
الحالة الرابعة: طفلة عمرها 3 سنوات غرقت في المسبح، تم التبرع بقلبها، والمتلقي طفل عمره 9 سنوات وهو لا يعرف شيئاً عن المتبرعة ولا كيف ماتت، ولكنه بعد زراعة القلب أصبح يخاف من الماء بعد أن كان يعشق السباحة ولا يعرف تفسيراً لهذا الخوف.
الحالة الخامسة: المتبرع فيها طفل في الثالثة من عمره سقط من النافذة والمتلقي طفل في الخامسة من عمره، وبعد العملية أصبح المتلقي يكره ألعاب الباور رينجيرز بعد أن كان يحبها. ولا يعرف والداه سبباً لذلك، ثم اتضح لهم في المقابلة أن المتبرع سقط من النافذة وهو يحاول أن يصل إلى لعبته (الباور رينجيرز) على حافة النافذة.

الحالة السادسة: لطفل نقل له قلب طفل آخر لديه خلل في الجانب الأيسر من دماغه، وعند بحث الأطباء عن سبب هذا الأمر وجدوا أن الطفل الأصلي صاحب القلب الأصلي كان يعاني خللاً في الدماغ في نفس الجهة اليسرى للطفل المنقول إليه القلب.
وقد كتبت كلير سيلفيا التي تلقت زراعة قلب ورئتين عام 1988 في مستشفى جامعة ييل، كتابا عام 1997 بعنوان (تغيير قلب) وصفت فيه التغييرات التي طرأت عليها من سلوك وعادات وهوايات وتغير في الرغبات والذوق مثل حبها للدجاج المقلي بعد أن كانت تكرهه، وقد وجد أن المتبرع كان يعشق هذا الطعام إلى حد أنه وجد في جيبه قطعة دجاج مقلي عند وفاته.
وما زالت الدراسات متواصلة للتحقق من هذه الظواهر ودعمها بالدلائل والقرائن للتأكد من صحتها، وما زال العلم يكشف لنا في كل يوم ما قد يفسر تلك الظواهر، والتي استعصت حتى اليوم عن إيجاد تفسير منطقي لها.

إن التفسير القائم لهذه الظواهر وغيرها أن قلب الإنسان ليس مجرد مضخة للدم، وإنما أودع الله في هذا القلب برامج تتحكم في عمل هذا القلب، وتستقبل هذه البرامج المعلومات وكل ما يسمعه ويراه الإنسان ليتم تخزينه في القلب الذي يصدر أوامره للدماغ ليقوم بأداء مهامه.
هل معنى هذا أن مركز العقل هو القلب وليس الدماغ؟ هل هذا يفسر قوله تعالى “لهم قلوب لا يفقهون بها” وقوله “فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور”. لقد ذهب جمهور المفسرين إلى أن العقل في القلب بغض النظر عن ماهية العقل، وقد اجتمعوا في تفسير قوله تعالى “أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها” بأن العقل في الآية إنما محله القلب. وأكد القرطبي بقوله: أضاف سبحانه العقل إلى القلب لأنه محله كما أن السمع محل الأذن.

وجمع ابن القيم بين القلب والعقل والدماغ بطريقة جميلة فقال: الصواب أن العقل مبدؤه ومنشؤه في القلب ومزرعه وثمرته في الرأس، وهذا ما أكده أينشتاين بقوله عن علاقة القلب بالدماغ: إن القلب هدية قدسية ربانية، أما الدماغ فهو الخادم المطيع له. ولذلك عندما يرضى القلب ويحب، فإنه يأمر العقل فلا يرى إلا حسناً وعندما يبغض القلب فيأمر العقل فلا يرى إلا قبحاً:

وعين الرضا عن كل عيب كليلة

ولكن عين السخط تبدي المساويا

هل هذا يفسر كيف أن ما يراه العبد ويسمعه ويقوله ويفعله يطهر قلبه ويزكيه أم يتجمع عليه كالران الأسود فيطمسه ويعميه. يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى “إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب سقل قلبه، وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه، وهو الران الذي ذكره الله في قوله تعالى.. “كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون”..”. هل هذا يفسر قوله صلى الله عليه وسلم “ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب”. هنا أفهم قوله تعالى “إن في ذ?لك لذكرى? لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد“.

الطاقة الإيجابية - د.أحمد عمارة


مع تطور العلوم وظهور علوم الطاقة في الأفق ، اكتشف العلماء في الآونة الأخيرة هذه الحقيقة ..

"كلما كانت طاقتك إيجابية عالية كلما زاد الخير وانهالت عليك النعم من كل اتجاه " .. وكلما قابلت طاقات البشر السلبية بطاقة إيجابية كلما استطعت أن تجعل حياتك أسعد وأفضل بأكثر مما تتخيل

كلما تحكمت في طاقتك ، ولم تجعل غيرك يؤثر عليها .. كلما كنت دائما قائدا لمستقبلك متحكما في أحداث حياتك

لا تكن أبدا رد فعل ، وإنما كنت أنت الفعل الذي تريد ،، أنت القائد ولست التابع ...

كل ما عليك أن تفعل ، أن تحافظ على طاقتك إيجابية خالية من الغل والحقد والكره والضيق والضغينة والكره ... كل هذه طاقات سلبية تجلب لحياتك كل سوء ..

العفو والمغفرة والرحمة والتسامح والحب من أعلى الطاقات الإيجابية ، من شأنها أن تغمر حياتك بالخير من كل اتجاه .

يسأل الناس كثيرا كيف يكون حظي سعيد ؟ كيف أتخلص من الحظ التعيس ..

ولأن الهدف الأسمى من خلق الإنسان هو أن يعيش متمتعا شاكرا لله ، لذا فكانت كل التعاليم الدينية تقود الإنسان لكي يحقق هذا الهدف ،، إلا من أساء فهمها فضل عن الطريق ..

تأملوا هذه الإشارات الدينية من رب العباد .. فكر فيها .. عشها بكل جوارحك .. اعمل بها .. وانعم بالخير على الدوام

قال سيدنا عيسى :

أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ (إنجيل متى : 5 - 44)

وفي إنجيل لوقا :

بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ (إنجيل لوقا : 6 - 28)
.

عندما آذت قريش سيدنا محمد ، وعذبوه نفسيا وعذبوا أصحابه ومات بعضهم وطردوه من دياره وأهله وناسه إلى بلاد غريبة لا يعرف فيها أحدا .. رفع يده إلى السماء بكل حب الدنيا وكل رحمة وعفو وقال "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون" .. طاقة حب ما بعدها طاقة ، بمجرد تأملك للقصة تستشعر طاقة الحب والخير تتفجر داخلك .. أفلا يكون قدوة لك ؟


قال الله تعالى :

ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (المؤمنون : 96)

وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ، وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ، وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (فصلت : 35-36)

لاحظ أنه لا يلقى ذلك إلا من يصبر ويتحلى بالصبر ويتغلب على الكبر والإجو والكرامة ،، وبهذا يكون ذو حظ عظيم ،، لذا ستجد دائما كل من يقابل الإساءة بالإحسان وهو مرتاح موقن بالله مطمئن أنه دفع باللتي هي أحسن ، تجد دائما حظه عظيما ينال الخير من كل أبوابه ..

وقال تعالى :

وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى (البقرة : 237)

فالعفو يجعل الإنسان أقرب شيء للتقوى ،، والمتق جزاؤه في الآية الرائعة التالية :

قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (الأعراف : 156)

الرحمة سيكتبها الله للذين يتقون ..
وإذا رحمك الله فستنال خيري الدنيا والآخرة .. وتأمل أيضا قوله تعالى :

وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (الطلاق : 2)

لو كنت من المتقين ، سيجعل الله لك مخرجا من كل ما يصيبك من مصائب وهموم وضوائق مادية ومعنوية وحياتية واجتماعية ونفسية وغيرها ..
بل وسيرزقك من حيث لا تحتسب .. أتدري لماذا ؟؟
لأنك أصبحت ذو طاقة إيجابية عالية جدا بتقوى ربك وبصفاء نفسك وخلوها من الأحقاد .. والطاقة الإيجابية لا يجتمع معها ضيق ولا أي شيء سلبي في حياتك نهائيا .

تفكر في كلام ربك ،، اتخذه منهجا في حياتك ،، عش به ، وانعم بخيري الدنيا والآخرة

الفشل البنّاء -- د.وليد فتيحي


أعظم المخترعين والمكتشفين ورؤساء الدول والسلاطين والصناعيين والمبتكرين والاقتصاديين والإعلاميين والموسيقيين والرياضيين.. كلهم يجمعهم شيء واحد. كلهم فشلوا فشلاً ذريعاً قبل أن ينجحوا، كلهم فهموا المعنى الحقيقي للفشل فاحتضنوه، بل جعلوا من كل فشل لبنة في بناء نجاحهم.. كلهم طبقوا مفهوم (الفشل البنَّاء).

عانى من مشاكل في السمع في سن مبكرة، وصفه مدرسوه في المدرسة بـ(المغفل) و(شديد الغباء) الذي لا تجدي محاولات تعليمه. ترك المدرسة بعد ثلاثة أشهر من دخولها فدرسته أمه في البيت، فانكب على قراءة كل ما يقع بين يديه من كتب وموسوعات وصحف ومجلات، وأطلقت يديه ليختبر ما يشاء فأعد مختبر كيمياء في منزله وهو في العاشرة من عمره، وكان يعمل في السوق بائعاً للخضروات، ثم بائعاً للحلوى والصحف في القطارات حتى طرد من عمله بعد اشتعال النيران بمختبره الكيميائي في عربة نقل في محطة القطارات وأُلقي به في الشارع، مما جعله يتفرغ للأبحاث والتجارب.
كان يقول: والدتي صنعتني، فاحترامها لي وثقتها بي أشعرتني أني أهم شخص في الوجود، فعاهدت نفسي ألا أخذلها كما لم تخذلني قط. سجل 122 اختراعاً ولمَّا يبلغ الثالثة والعشرين من عمره. يعد أحد أعظم المخترعين وأكثرهم إنتاجاً في التاريخ، فامتلك 1093 براءة اختراع وأكثر من 1300 جهاز وأداة علمية كان لها الأثر الواضح في حياة إنسان العصر الحديث.
مرضت أمه مرضاً شديداً فقرر الأطباء إجراء عملية جراحية فورية لها، ولكن الليل حال دون ذلك لانعدام الضوء الكافي لإجراء العملية، فاضطروا إلى الانتظار حتى شروق الشمس، فقرر أن يخترع مصباحاً كهربائياً متوهجاً عملياً تجارياً طويل الأجل. فشل في ألف محاولة حتى نجح، وكان يسمي كل تجربة فاشلة خطوة في سبيل تحقيق النجاح. ويقول: أنا لم أفشل، بل وجدت ألف طريقة لا يمكن للمصباح أن يعمل بها، ولم أكن لأنجح في اختباراتي لو لم أدرك حاجات البشر، كنت أرى حاجات الناس ثم أبدأ بالاختراع.

فقد مختبره في حريق كبير عام 1914 وعمره يناهز الـ67 عاماً. وفي الصباح التالي كان يقول: “هناك فائدة عظيمة لما حصل البارحة، فقد احترقت كل أخطائي فالشكر لربي لأنني يمكنني البدء من جديد”. وبعد ثلاثة أسابيع فقط اخترع أول مشغل أسطوانات (فونوجراف)، ومن اختراعاته آلة التصوير السينمائي، وتطوير الآلة الطابعة والهاتف والحاكي وجعل صناعة التلفزيون ممكنة.. وغيرها كثير.

أسس أكثر من 14 شركة منها شركة GE” General Electric” العالمية.. يقول: “كل شخص يفكر في تغيير العالم ولكن قليلين هم من يفكرون في تغيير أنفسهم”، ويقول: “سقوط الإنسان ليس فشلاً، ولكن الفشل أن يبقى حيث سقط، فالأشخاص الذين فشلوا في الحياة هم أشخاص لم يتعلموا كم كانوا قريبين من النجاح عندما استسلموا للفشل”.. إنه توماس إديسون.
يقول المؤلف جون ماكسويل في كتابه Failing Forward: “أنت الشخص الوحيد القادر فعلاً على تسمية ما تفعله فشلاً.. وكل عبقري كان يمكن أن يصبح فاشلاً”.

في دراسة معروفة عام 1998 قام كل من كارول دويك وكلوديا مولر بدراسة على 128 طفلاً في العاشرة من العمر، وتم تقسيمهم إلى مجموعتين وإعطاؤهم اختبارا بسيطا في الرياضيات نجح فيه الجميع، وأُثني في المجموعة الأولى على ذكاء الطلبة وأنه سبب نجاحهم، أما المجموعة الثانية فقد أُثني على الجهد المبذول من الطلبة وأنه سبب نجاحهم، ثم أعطي الطلبة اختبارا صعبا جداً وقيل للجميع إنهم فشلوا في الاختبار، ثم في المرحلة الثالثة أعطي الجميع اختبارا سهلا جداً مرة أخرى لدراسة تأثير الفشل في المجموعتين أيهما سيحقق نتائج أفضل: من أُفهِم أن سبب نجاحه هو ذكاؤه أم من أُفهِم أن سبب نجاحه هو جهده الذي بذله؟ وكانت المفاجأة أن المجموعة الأولى التي أُفهِمت أن ذكاءها كان وراء نجاحها أدت نتائج أقل من المجموعة الثانية التي أُفهِمت أن الجهد المبذول هو سبب النجاح بنسبة 25%، بل وجد أن المجموعة الأولى لامت ذكاءها أو صعوبة الاختبار بدلاً من جهدها، ولم يلقوا بالاً للجهد وهو الأمر الوحيد الذي يتحكم فيه الإنسان وهو عامل النجاح الرئيسي الأول، بل وجد أنهم أقل استمتاعا بالاختبار وأسرع يأسا واستسلاما وأقل رغبة في القيام باختبارات أخرى.
وقد أكدت دراسات أخرى كثيرة هذه النتائج، وهذا ما يؤكده إديسون عندما قال: “العبقرية 1% إلهام و99% عمل وجد واجتهاد”. وقد وجد أن طريقة عمل الدماغ لدى كل من الناجحين والفاشلين مختلفة تماما، فبناء على دراسات عالمة النفس كارول دويك فإن النجاح والفشل يعتمدان على طريقة التفكير، فهناك نوعان من الدماغ، الأول ما يسمى بالدماغ المرن المتطور القادر على النمو، والثاني الدماغ الثابت غير المتطور وغير القادر على النمو، فالدماغ المرن المتطور يقبل التحدي ويغتنمه كفرصة، بينما يتفاداه الدماغ الثابت، والدماغ المرن يثابر ويصر ويثبت عند الحواجز والعراقيل والعثرات، ولكن الدماغ الثابت يستسلم ويتنازل وييأس. والدماغ المرن يرى في الجهد سبيلاً للانتصار، أما الدماغ الثابت فيراه غير مجدٍ، والدماغ المرن يرى في الانتقاد طريقة للتعلم، وأما الدماغ الثابت فإنه يتجاهله ويرفضه، والدماغ المرن يرى في نجاح الآخرين دروساً ومصدر إلهام، أما الدماغ الثابت فيرى فيه تهديداً له.

في كتابه Adapt أي تأقلم وتكيف، يجيب المؤلف تيم هارفورد عن سؤال: لماذا النجاح دائماً يبدأ بالفشل؟ فيؤكد قائلاً: “على قدر ما تكون المشكلة معقدة وغامضة على قدر ما يكون أسلوب التجربة والخطأ أكثر فعالية في إيجاد الحل”. وهذا يتطلب دماغاً مرناً وقلباً شجاعاً لا يخاف من المحاولة أو الخطأ أو الفشل، بل يدرك أن الفشل هو السبيل الوحيد للنجاح. بل صرحت إحدى دوريات الأعمال أن أعلى نسبة في الانتحار وتعاطي المخدرات والانهيار العصبي يمكن إرجاعها إلى رغبة الناس في تدريب أنفسهم على النجاح، بينما يجب التدريب على الفشل. حيث أثبتت الدراسات أن أصحاب المشاريع يفشلون في المتوسط أربع مرات قبل أن يدركوا النجاح في أعمالهم، ولذلك فإن الناجح يفكر في الحل والفاشل يفكر في المشكلة، والناجح لا تنضب أفكاره والفاشل لا تنضب أعذاره، الناجح يرى حلاً في كل مشكلة والفاشل يرى مشكلة في كل حل، الناجح يساعد الآخرين والفاشل يتوقع المساعدة من الآخرين، الناجح يعامل الناس كما يحب أن يُعَامل، والفاشل يخدع الناس قبل أن يخدعوه، الناجح يرى في العمل أملاً فيصنع الأحداث، أما الفاشل فيرى في العمل ألماً فتصنعه الأحداث. ولذلك يقال إن الإنسان لا يُهزم من خصومه ولكنه يُهزم من نفسه ومن توجهه النفسي تجاه الفشل ورد فعله للهزيمة، ومفتاح النجاح أن يعمل الإنسان خارج دائرة راحته وداخل دائرة قوته.

العيش بلا وعي - د.صلاح الراشد




إن أسوأ شيء ممكن أن يحصل لك هو أن تعيش بلا وعي، والأمة اليوم تعيش بلا وعي، على أطلال أمجاد الماضي، وكذبة قوتنا في الحاضر، ووهم المستقبل لهذا الدين أو الأمة! لو دخل العرب معركة عسكرية، مثلاً، وانتصروا وسيطروا على الأرض فلن أفهم الحكمة الربانية أو الكونية من هذه النتيجة! سأشعر بأن الكون لا يسير وفق قوانين، وأن الله، حاشاه سبحانه، يتخير الناس دون عدالة! لا يمكن أن يحصل هذا، حتى أنني لم أسمع أنه حصل في منام أي عربي! إن الذي من الممكن أن يحصل، وهو بإذن الله سيحصل، هو نهوض هذه الأمة في الداخل، واستنارتها، ووعيها، وهو ما سيجلب لها الدور الريادي في العطاء للبشرية كما كانت يوماً من الأيام. إن المهم الاعتراف أولاً بالتقصير تجاه البشرية، والاعتذار للبشرية على ما عملناه فيها وما جريناها إليه، والاعتذار لله سبحانه وطلب المغفرة منه تجاه ما جنيناه في تشويه صورة نبيه الذي أرسله للعالم رحمة وكتابه الذي أنزله للبشرية هدى، والوعد ثم العمل على اسقاط وتكسير حائط الإيجو المتكبر على لا شيء، وبدأ مرحلة التعلم والوعي الحقيقيين، لا الكذبة والخدعة التي تروى في الفضائيات والدروس والمحاضرات والخطابات السياسية والدينية

وقعت ذبابة على شجرة ضخمة جداً وبعدما أرادت أن تقلع نقرت على الشجرة مراراً وأخبرت: إني نويت الإقلاع فانتبهي! قالت لها الشجرة العظيمة: يا ذبابة أصلاً لم أشعر بك عندما هبطت علي فكيف أشعر بك وأنت ترحلي

قال تعالى: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ) (القصص/4) .. علا .. في الأرض!! انظر التشبيه والتصوير لمن ينظر إلى الأرض من فوق. مثل الدودة علت واستفحلت وهزت عضلاتها .. في الأرض. (أبعدي عني لا أدوس عليك وأنا لا أدري!) حتى النمل أكثر تواضعاً من هؤلاء الذين علوا في الأرض: (قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (النمل/18). هناك في مغارات النمل تحت الأرض حوارات ونقاشات وجدل مستمر ومحتدم ومتفيقهات ومتعاليات .. لكن في النهاية: نمل (ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ) أحسن لكم، وقوموا بدوركم الذي من أجله خلقتم وجئتم!

تنتج الدول العربية سنوياً أقل من 650 مليار دولار، وهذا يشكل 2% من انتاج العالم كله، قرابة نصف هذا الانتاج نفط، بينما تستهلك 5% من العالم، هذا يعني لو أنتج الغرب اختراع يقضي على جينيات العرب كلهم لوفر العالم عليه 3%!! انتاج العرب مجتمعين لا يساوي أي من المكسيك أو إسبانيا وحدها. شركتان عملاقتان في أمريكا مثل مبكروسوفت وجوجل أو أبل وياهو تتج أكثر من الدول العربية مجتمعة بنفطها. إن الوعي بالوضع أولى مراحل القوة

إن معرفة مكانك الصحيح من أقوى نقاط القوة حتى لو كنت في موقع ضعيف. أنت في السوق وتريد أن تصل لمحل تجاري معين. وجدت خارطة أمامك. ما هو أهم شيء تريد أن تعرفه أو تحدده أولاً؟ صحيح. الجواب: موقعك الحالي. بدون معرفة موقعك الحالي لن تصل إلى ما تريد إلا بالصدفة. يجب أن تعرف كشخص أو كمجتمع أو كدولة موقعك الحالي ثم تشرع في الوصول إلى أهدافك. إن هذا يحصل حتى لو كنت تريد حرباً لا سلاماً. إن ما فعله صدام في مغامراته ينم عن لا وعي، لا إدراك، إيجو، جهل قاتم؛ فدمر أكبر قوة عربية سدى في أيام، وقُتل، وقُتل أولاده، وشردت عائلته، وأخل بتوازن القوى والسنة في العراق، وضيع القضية الفلسطينية، وزاد التطرف، ودفع الشعب العراقي مئات الآلآف من القتلى والجرحى والخسائر، وضاعت ثروات، وتسببت باحتلال، وارتفعت وتيرة الطائفية والعصبية والإرهاب .. ونجاد حالياً يكرر نفس التجربة، بنفس الطريقة، ويتوقع أن يثير حرباً مع الإمارات أو الكويت أو إسرائيل أو أمريكا .. الخ. بل أن صداماً كان أكثر وعياً منه! والدمار الذي قد يجنيه هذا الإيجو ربما أكثر مما تتصور. إن الإيجو هدفه شيء واحد "أنا" وهذه الأنا قد تكون أحياناً في الداخل "أنا المسلم" أو "أنا العربي" أو "أنا ناصر الحسين" أو "أنا ممهد للمهدي" أو "أنا الأتاتوركي" أو "أنا كويتي أنا" أو "أصيل" أو "أهل بطنها" أو "عز القبيلة" أو "سلفي" أو "حماة الإسلام" أو "دولة العراق الإسلامية" أو "حملة نصرة نبي الإسلام" أو "جيش الرب المسيحي" أو "دولة إسرائيل" أو "الاعتراف بيهودية إسرائيل" أو "كي كي كي" أو "شعب الأري" .. كلها رسالة واحدة يعيش في بيئتها الإيجو. من يقول نفدي محمداً (صلى الله عليه وسلم) بأرواحنا، ويقوم بحرق الأخضر واليابس بسبب لوحة أو رسمة فهذا لا يبت لمحمد صلى الله عليه وسلم بصلة، ومحمد صلى الله عليه وسلم منه براء، وهو في محيط من اللاوعي. من يقوم بإحياء سنة أو نشر مقولة أو نشر آية بطريقة معاصرة أو باختراع جديد أو اكتشاف جميل أو رسم لوحة معبرة هو من يحب محمداً صلى الله عليه وسلم ويحب أن يحبه الناس ويتعلموا نهجه وطريقته. من ينشر تلك المواقع المسيئة للإسلام أو نبيه أو صحبه بحجة محاربتها وإيقافها هو من يعيش بلا وعي وهو أداة بيد المخربين يلعبون به كيفما يشاؤون. هو تبع للمخربين وأصحاب الإيجو أو هو من المخربين وأصحاب الإيجو

وإذا كان هدف الإيجو (الأنا) هو "أمني الخاص" (أنا، جماعتي، قبيلتي، أمتي .. وما شابهها من التفريقات) فإن صورته تتمثل في اللاوعي "الأكذوبة" التي يعيشها الشخص دون علم منه، ومحركها هو الخوف. أي منهجية غالب على فكرها الخوف فهي منهجية تمثل الإيجو؛ لأن "أمني الخاص" هو شعار الإيجو، فأي شيء يخل في هذه المسألة الأساسية هو إخلال بالوجود كله، بالنسبة للإيجو

كم تسمع من المخاوف يومياً من الآخرين؟ الإعلام؟ المشايخ؟ السياسيين؟ الوالدين؟ الأصدقاء؟ التجمعات؟ الخطابات؟ البيانات؟ .. كلها إيجو .. والإيجو لغة الشيطان الاحترافية سريعة النتائج. والخوف الذي نتحدث عنه هو التخويف السلبي الصادر من الإيجو، أما ما يتحدث عنه القرآن الكريم أو السنة النبوية أو يذكره العلامات فهو غير ذلك وأفسره في موضع آخر بإذن الله

الحالة النفسية وتجاذب الأفكار - د.أحمد عمارة




الكون كله عبارة عن موجات متلاطمة متداخلة متوازنة من الطاقات في نسيج دقيق مذهل لايوجد به خطأ ولا بنسبة واحد إلى مليار مليار .. لهذا كل ما يحدث في الكون من تفاصيل وفق قوانين غاية في الدقة ، يظن عامة الناس أنها تحدث عشوائية ويؤكد القرآن أنه حتى سقوط ورقة الشجر ومنذ مفارقتها الشجرة وحتى مكان سقوطها على الأرض وتحريكها لذرات الرمال تحتها وفق قانون دقيق محكم لازال العلم يكشف النقاب عن بعض بنوده البسيطة والمذهلة يوما بعد يوم .

كل ذلك وفق قدر .. وفق قانون محكم دقيق .. قانون مكتوب في كتاب بمنتهى الإحكام .. كتاب تسير وفق ما كتب فيه من قوانين كل ذرات وطاقات الكون . كلما يتقدم العلم كلما يكتشف الإنسان أنه لا يعلم من العلم شيئا فكل اكتشاف يبين للناس خلفه مليارات المعلومات الغائبة . من أخطر هذه المعلومات قانون التجاذب بين طاقات المخلوقات ، سواء مادية أو معنوية أو حتى غيبية كالشياطين والملائكة . قانون التجاذب أو قانون الجذب أو كما أسمته روندا بايرن "السر" من أكثر القوانين اكتشافا إثارة للجدل وفتح آفاق كثيرة لفهم الكون وسننه وحركته  ومن أخطر هذه المعلومات أن الطاقات المنبعثة من جسم الإنسان وذبذباتها تجذب كل شيء في الكون من نفس هذه الذبذبات تماما كالمغناطيس ومما يجذب إلى الإنسان الأفكار.

فكلما كنت مخنوقا محبطا مكتئبا كلما كانت الأفكار التي تجذب وتنهال على عقلك أفكارا سلبية وتؤدي إلى نتائج سلبية
وكلما كنت سعيدا راضيا قانعا مبسوطا مستمتعا كلما كانت الأفكار التي تجذب وتنهال على عقلك أفكارا إيجابية وتؤدي إلى نتائج إيجابية رائعة .. هذا ما يفسر لماذا دائما الشخص الحزين المتشائم كل الأفكار التي تأتيه ويكون مقتنعا بها تؤدي لنهاية بنفس درجة الإحساس بالاكتئاب والضيق فيظن أن حظه نحس.. ولماذا الشخص المتفائل السعيد الراضي بأي شيء يحدث له كل الأفكار التي تأتيه ويكون مقتنعا بها تؤدي لنهاية بنفس درجة الإحساس بالسعادة والرضا فيظن أن حظه سعيد.

لهذا حث الدين دائما على المحافظة على مشاعر إيجابية كي تظل دائما في جذب للأفكار الإيجابية فتخرج مما أنت فيه وتبقى دائما في حالة سعادة .. حتى الملائكة .. تجذب مع الطاقات الإيجابية من عبادات وتحيط بالعبد وتزيده اطمئنانا لأنها تحفظه بحفظ الله
والشياطين تجذب مع الطاقات السلبية من ذنوب وسب وشتم وسوء ظن وغيرها وتحيط بالعبد وتزيده رعبا وهلعا وخوفا لأن هذا هو هدف الشياطين الأساسي الذي نبهنا له الله في القرآن :"إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيطَانُ يُخَوِّفُ أَولِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُموَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤمِنِينَ"

لهذا حافظ دائما على طاقة إيجابية تجذب كل ما هو إيجابي وانظر دائما لحالتك النفسية أثناء نشوء الأفكار في رأسك ، فلا يمكن أن تأتيك فكرة إيجابية وأنت في حالة نفسية سيئة بل من المستحيل ..ومن أروع التوجيهات الدينية لكي تجذب أفكارا إيجابية ما سماه الشارع الاستخارة وانظر ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها "من سعادة ابن آدم استخارته الله، و من سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله ومن شقاوة ابن آدم تركه استخارة الله، و من شقاوة ابن آدم سخطه بما قضى الله له"

والكل يعلم أن الاستخارة لا تأتي إلا بخير ،، والتفسير العلمي لذلك أن الإنسان في حالة الاستخارة يكون تركيزه كله على حالة الخير ، ويطلب من الله أن يحدث له الخير ، فيطمأن قلبه وتتبدل طاقته من طاقة سلبية إلى طاقة خير إيجابية ، عندها كل الأفكار والأحداث التي تنهال عليه تكون من نفس درجة الطاقة ،، طاقة الخير ،، فلا يحدث له إلا الخير .


جميع الحقوق محفوظة © 2016 مدونـة يقظة وعــي