فكرة (الكوانتوم) أي الوحدة المنفصلة فكرة ثورية جاء بها العالم الألماني (ماكس بلانك) عام 1900م ولم يعترف معاصروه له بذلك حتى تم اعتماد الفكرة لاحقاً أنها وحي خلاب من عالم الفيزياء، بحيث يقول الباحثون ثوابت الوجود ثلاثة: الله وسرعة الضوء ووحدة الكوانتوم. وحسب الفيزيائي هوكينج (مشلول رباعياً) فهو يقول إن العلم يتقدم للمستقبل بساقين من النسبية والكوانتوم. وكانت أبحاث آينشتاين الأخيرة ولمدة ثلاثين عاماً طموحة تريد ضغط قوانين الكون في قانون واحد جامع كما جمع بين الطاقة والمادة في معادلة واحدة فلم ينجح. اكتشف العلماء أن الوعي الإنساني يعمل أيضاً ضمن (ميكانيكا الكم) في إطار العمل العقلي؛ وهذه الظاهرة من محدودية الوعي بقيت إلى فترة قريبة غير ملاحظة، بسبب التقلب الدائم بين حقول التأثير، بل حتى التدفق الدائم لتيار الوعي وانقلابه المستمر يمشي ببطء لافت للنظر. فـ(نوافذ الوقت) -إذا صح التعبير- التي يعمل عليها الوعي تبلغ حوالي ثلاثين ميلي ثانية (أي ثلاثين جزءاُ من الألف من الثانية) والوعي يتعامل مع وحدات الزمن بهذه القسمة، حيث تم التأكد من ذلك بتطبيقها على بشر متطوعين لمثل هذه التجارب. فـ(تكة الساعة) مثلاً يستطيع الوعي أن يفرق بينها وبين التي بعدها، حتى إذا انضغطت وحدة الزمن إلى عشرين ميلي ثانية، أي إذا تسارعت حركة تتالي نظم الصوت، بين الصوت والذي بعده. بمعنى الفاصل بين الوحدتين، أمكن للدماغ استيعاب ما يأتيه، ويكلّ إذا تجاوز هذا المقدار. ويقفز عمل الوعي إلى ما يشبه قوانين الكوانتوم (ميكانيكا الكم)، حيث يمكن للعقل الإنساني أن يستقبل العالم الخارجي إذا تلقى وحدات الصوت من موسيقى أو شعر، قصائد أو أهازيج، أفكار أو تجليات روحية؛ فيما إذا خضعت لقانون الثواني الثلاث؛ فكما يقوم الكون كما فهمه العالم الألماني (ماكس بلانك) على الانفصال على صورة وحدات، كما في كومة حبات القمح؛ فعند النظر إليها تبدو كأنها كومة متصلة، فإذا اقترب الإنسان منها أدرك أنها مكونة من حبات منفصلة. هكذا أيضاً يتعامل الوعي. وإذا كان قانون الكم لماكس بلانك له وحدة رياضية؛ فقد تم كشفها الآن في مستوى الوعي، فوحدة الفهم ثلاثون ميلي ثانية، والفرق بين النبضتين الصوتيتين عشرون ميلي ثانية، ولكن وحدة الفهم يجب أن تكون في حدود ثلاث ثوانٍ؛ فإذا تجاوزت الجملة أو الحركة الصوتية هذه الحبسة الزمنية، اُضطر العقل من جديد إلى تجزئتها وفق قانون الثواني الثلاث، وعلى ما يبدو فإن الوعي محبوس في زنزانة الماضي بدون أي أمل في النجاة؛ كذلك جدلية الوعي واللاوعي، وغطس المعلومات في اللاوعي قبل انبثاقه إلى الوعي، فقد استطاع (بنيامين ليبيت BENJAMIN LIBET)، الباحث في فسيولوجيا الأعصاب من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، فتح عاصفة من الإثارة حول ظاهرة ما يعرف الآن بـ(فترة الحضانة) بين الفكر والعمل وبشكل معكوس. وتم كل هذا من خلال تطوير تقنيات جديدة من ملامسة قشرة المخ مباشرة بواسطة مسابر خاصة، ودراسة الزمن بين التحريض أو تلقي التحريض، بمعنى البدء بإشارة التفكير، فالذي يقوم بالتجربة يبدأ الفعل ولكن الفعل لا يبدأ فوراً، بل يغطس في عالم آخر يُعالج فيه ويتفاعل قبل أن يطل برأسه في عالم الوعي ليلحق بالأمر، كما أن العكس صحيح، فعندما تمس اليد لا نتلقى الأثر في الدماغ إلا بعد مرور أجزاء من الثانية، تتراوح بين ثلث ونصف ثانية. هذه التجارب أثارت عاصفة فلسفية، فالإنسان يبدو وفق هذا المنظور خارج الزمن تماماً، ويعلق تشارلز فورست (كتاب الدماغ للسيد رصاص) على ذلك بقوله: (وقد يكون التأويل الممكن لهذا الاكتشاف هو أن العصبونات المسؤولة عن الإدراك الواعي توجد في مكان آخر غير قشرة الدماغ، وقد تعكس فترة الحضانة للتنبيه القشري في تجربة واعية التشارك بين الوعي والتعقيد العصبي الفيزيولوجي).
الجمعة، 19 فبراير 2016
كوانتوم الوعي - الكاتب: خالص جلبي
فكرة (الكوانتوم) أي الوحدة المنفصلة فكرة ثورية جاء بها العالم الألماني (ماكس بلانك) عام 1900م ولم يعترف معاصروه له بذلك حتى تم اعتماد الفكرة لاحقاً أنها وحي خلاب من عالم الفيزياء، بحيث يقول الباحثون ثوابت الوجود ثلاثة: الله وسرعة الضوء ووحدة الكوانتوم. وحسب الفيزيائي هوكينج (مشلول رباعياً) فهو يقول إن العلم يتقدم للمستقبل بساقين من النسبية والكوانتوم. وكانت أبحاث آينشتاين الأخيرة ولمدة ثلاثين عاماً طموحة تريد ضغط قوانين الكون في قانون واحد جامع كما جمع بين الطاقة والمادة في معادلة واحدة فلم ينجح. اكتشف العلماء أن الوعي الإنساني يعمل أيضاً ضمن (ميكانيكا الكم) في إطار العمل العقلي؛ وهذه الظاهرة من محدودية الوعي بقيت إلى فترة قريبة غير ملاحظة، بسبب التقلب الدائم بين حقول التأثير، بل حتى التدفق الدائم لتيار الوعي وانقلابه المستمر يمشي ببطء لافت للنظر. فـ(نوافذ الوقت) -إذا صح التعبير- التي يعمل عليها الوعي تبلغ حوالي ثلاثين ميلي ثانية (أي ثلاثين جزءاُ من الألف من الثانية) والوعي يتعامل مع وحدات الزمن بهذه القسمة، حيث تم التأكد من ذلك بتطبيقها على بشر متطوعين لمثل هذه التجارب. فـ(تكة الساعة) مثلاً يستطيع الوعي أن يفرق بينها وبين التي بعدها، حتى إذا انضغطت وحدة الزمن إلى عشرين ميلي ثانية، أي إذا تسارعت حركة تتالي نظم الصوت، بين الصوت والذي بعده. بمعنى الفاصل بين الوحدتين، أمكن للدماغ استيعاب ما يأتيه، ويكلّ إذا تجاوز هذا المقدار. ويقفز عمل الوعي إلى ما يشبه قوانين الكوانتوم (ميكانيكا الكم)، حيث يمكن للعقل الإنساني أن يستقبل العالم الخارجي إذا تلقى وحدات الصوت من موسيقى أو شعر، قصائد أو أهازيج، أفكار أو تجليات روحية؛ فيما إذا خضعت لقانون الثواني الثلاث؛ فكما يقوم الكون كما فهمه العالم الألماني (ماكس بلانك) على الانفصال على صورة وحدات، كما في كومة حبات القمح؛ فعند النظر إليها تبدو كأنها كومة متصلة، فإذا اقترب الإنسان منها أدرك أنها مكونة من حبات منفصلة. هكذا أيضاً يتعامل الوعي. وإذا كان قانون الكم لماكس بلانك له وحدة رياضية؛ فقد تم كشفها الآن في مستوى الوعي، فوحدة الفهم ثلاثون ميلي ثانية، والفرق بين النبضتين الصوتيتين عشرون ميلي ثانية، ولكن وحدة الفهم يجب أن تكون في حدود ثلاث ثوانٍ؛ فإذا تجاوزت الجملة أو الحركة الصوتية هذه الحبسة الزمنية، اُضطر العقل من جديد إلى تجزئتها وفق قانون الثواني الثلاث، وعلى ما يبدو فإن الوعي محبوس في زنزانة الماضي بدون أي أمل في النجاة؛ كذلك جدلية الوعي واللاوعي، وغطس المعلومات في اللاوعي قبل انبثاقه إلى الوعي، فقد استطاع (بنيامين ليبيت BENJAMIN LIBET)، الباحث في فسيولوجيا الأعصاب من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، فتح عاصفة من الإثارة حول ظاهرة ما يعرف الآن بـ(فترة الحضانة) بين الفكر والعمل وبشكل معكوس. وتم كل هذا من خلال تطوير تقنيات جديدة من ملامسة قشرة المخ مباشرة بواسطة مسابر خاصة، ودراسة الزمن بين التحريض أو تلقي التحريض، بمعنى البدء بإشارة التفكير، فالذي يقوم بالتجربة يبدأ الفعل ولكن الفعل لا يبدأ فوراً، بل يغطس في عالم آخر يُعالج فيه ويتفاعل قبل أن يطل برأسه في عالم الوعي ليلحق بالأمر، كما أن العكس صحيح، فعندما تمس اليد لا نتلقى الأثر في الدماغ إلا بعد مرور أجزاء من الثانية، تتراوح بين ثلث ونصف ثانية. هذه التجارب أثارت عاصفة فلسفية، فالإنسان يبدو وفق هذا المنظور خارج الزمن تماماً، ويعلق تشارلز فورست (كتاب الدماغ للسيد رصاص) على ذلك بقوله: (وقد يكون التأويل الممكن لهذا الاكتشاف هو أن العصبونات المسؤولة عن الإدراك الواعي توجد في مكان آخر غير قشرة الدماغ، وقد تعكس فترة الحضانة للتنبيه القشري في تجربة واعية التشارك بين الوعي والتعقيد العصبي الفيزيولوجي).
التسميات:
كل المشاركات
مشاركة مميزة
الحرية من آراء الآخرين- استرهيكس
إن أعظم هدية يمكنك منحها لنفسك هي : الحرية من آراء الآخرين ... فلا يمكنك ابدا ارضاء الجميع و البقاء سعيدا ! فعندما ترضي شخصا ت...
اكثر المواضيع تصفحا
-
فى كتابها – الحقل the field - تتسائل الكاتبة لين ماكتاجريت لقد علمتنا الفيزياء التقليدية – فيزياء نيوتن – وجود رابطة فيزيقية حتمية ب...
-
أنت لا تحتاج معرفة أي شيء مما نقوله لك حتى تصبح سعيد فمن الطبيعي أن تنظر للواقع حولك : و ترى شيء مفرح فتشعر بالفرح و ترى شيء محزن و...
-
إن أردت أن تغير حياتك بجد .. اقرأ ولا تتكاسل ، إن تكاسلت فأنت لا تستحق بسبب الكسل :) . هل تعلم أن أي فكرة أو حلم حلمت به أو مر بخ...
-
(انا لدي القدرة على ان احبك مهما كان الحال بيننا) هذا هو السر لعلاقة عاطفية رائعة ... العلاقة العاطفية في بدايتها تكون جديدة و منعشة ...
-
عندما تتعرض لخسارة كبيرة في حياتك تجد نفسك أمام مفترق طرق .. فإما أن تقاوم .. أو أن تُسلم .. حيث قد تملكك المرارة والأسى .. ومن جا...
المشاركات الشائعة
-
فى كتابها – الحقل the field - تتسائل الكاتبة لين ماكتاجريت لقد علمتنا الفيزياء التقليدية – فيزياء نيوتن – وجود رابطة فيزيقية حتمية ب...
-
أنت لا تحتاج معرفة أي شيء مما نقوله لك حتى تصبح سعيد فمن الطبيعي أن تنظر للواقع حولك : و ترى شيء مفرح فتشعر بالفرح و ترى شيء محزن و...
-
إن أردت أن تغير حياتك بجد .. اقرأ ولا تتكاسل ، إن تكاسلت فأنت لا تستحق بسبب الكسل :) . هل تعلم أن أي فكرة أو حلم حلمت به أو مر بخ...
-
(انا لدي القدرة على ان احبك مهما كان الحال بيننا) هذا هو السر لعلاقة عاطفية رائعة ... العلاقة العاطفية في بدايتها تكون جديدة و منعشة ...
-
عندما تتعرض لخسارة كبيرة في حياتك تجد نفسك أمام مفترق طرق .. فإما أن تقاوم .. أو أن تُسلم .. حيث قد تملكك المرارة والأسى .. ومن جا...
يتم التشغيل بواسطة Blogger.
كتب ملهمة - للتحول الذاتي
إجمالي مرات مشاهدة الصفحة
ww
أرشيف المدونة الإلكترونية
-
▼
2016
(56)
-
▼
فبراير
(16)
- هل نحن أسرى جيناتنا ؟ د.وليد فتيحي
- قوتك تكمن في الحاضر .. استر هيكس
- قواعد العشق الأربعون لـ أليف شافاق
- قوة الآن .. عيش اللحظة الحاضرة .. إيكارت تول
- قانون الجذب الفكري .. طاقة الأفكار
- معادلة الحياة والقوانين الكونية .. د.بسام الخوري
- حديث السكون .. إيكارت تول
- تأكيدات إيجابية - د.واين داير
- جسد لا يشيخ وعقل لا يحده زمن - ديباك شوبرا
- السعادة..حقيقة أم خرافة؟
- كوانتوم الوعي - الكاتب: خالص جلبي
- ميكانيكا الكم والوجود - آدم عربي
- برمجة العقل الباطن - د.بسام الخوري
- كتب ملهمة للتحول الذاتي والتنوير الروحي
- اليقظة ومعرفة النفس - ايكارت تول
- الإيمان والابتلاء والنصر - د.أحمد عمارة
-
▼
فبراير
(16)
اضافة تعليق